مزمور (42-43) " كما يشتاق الأيّل"
يقسم سفر المزامير الى خمسة أقسام:
(1-41 : 42-72 : 73-89 : 90-106 : 107-150 )
وينتهي كل منها بعبارة تبريك أو تمجيد ، ما عدا ألقسم الأخير ،
فالمزمور150 يشكل كله بركة له وللسفر كله.
انّ المزمور42 ، يفتتح القسم الثاني، والمجموعة التي تنسب لأبناء قورح، كما أنه الأول في مجموعة المزامير المسماة ألوهيمية (مزمور42-82) وهو يشكل مع المزمور43 مزمورا" واحدا" من جهة المضمون، أومن جهة المبنى أو من جهة المناخ الروحي، أي وحدة أدبية واحدة.
نحن اذا" أمام مزمور واحد، هو صرخة استغاثة وتوسل يرفعها انسان مؤمن يعيش في المنفى بعيدا" عن الهيكل ، مركز حضور الله، يعبّر فيها عن ألمه وعن ضياعه.
والنفي عند شعب العهد القديم هو المحنة الكبرى لأنه يبعده عن الهه، مخلصه ومصدر قوته. ولو المزمور له طابع فردي فهو دعاء الجماعة كلها لأن الفرد يمثلها. فالصلاة في المزمور ليست "من أجل" لكن هي "أنا" أمام الله و"أنا" أمثل الانسانية كلها المعرضة للعنف والشر.
يقسم مزمور 42-43 الى ثلاثة أقسام:
ألاحباط (42: 2-5 ) يعلن المرتل عن رغبته أن يكون في الهيكل .
الشكوى (42: 7-11) يصوّر لنا تأوّهه وأنينة وصلاته المتواصلة .
الصلاة (43: 1-4) يتوسل الى الرب .
وفي كل منها فكرة رئيسية تعاد في القسم التالي. فالاحباط (آ 4-5) يعاد في (آ7)، والشكوى (آ10-11) في 43: 2 ، وهكذا يرتقي المزمور من الاحباط الى الشكوى فالصلاة. وكل من هذه الاقسام ينتهي بذات اللازمة التي تضفي على المزمور الطابع العام: "لماذا تكتئبين يا نفسي وعليّ تنوحين ؟ ارتجي الله، فاني سأعود أحمده وهو خلاص وجهي والهي". (42 : 6 و 12: 43: 5)
ونحن اليوم عندما نصّلي المزمور ،نعرف انه بلغ كماله مع ابن الله المتأنس الذي حمل آلام البشرية مرّة واحدة والى الأبد ، في جسده المعذب والمائت على الصليب ليجمع اليه كل أبناء الله المشتتين.
ونعبّر عن اشتياقنا لنعمة الله المتجسدة في شخص يسوع المسيح، وشوقنا للاتّحاد به.
فرغم صعوبات العالم والآلام التي نمّر بها ، ندعو يسوع ونرجو خلاصه ونبغي لقياه . فكما أنّ المرتل في اللازمة ، محور المزمور، يطلب من نفسه ألاّ تضطرب لأنّ رجاء ها هو الله، كذلك يسوع ،في خطابه الوداعي لتلامذه، في انجيل يوحنا، يطلب اليهم ألآّ تضطرب قلوبهم، فهو سلام العالم، ان آمنوا به نالوا السكينة(يو 14: 1و27). لذلك علينا أنّ نتحرر من قشور هذه الأرض متخذين النموذج الأصيل لانساننا الجديد، يسوع المسيح الذي أعلن رسالته الخلاصية وعاشها في عالم معاد له. هو الذي دعانا قائلا" : "لا تخافوا" (متى 10: 31) و (لو 12: 32).